بقلم: عبدالباري عطوان
لم يكن حكم الاعدام الذي صدر بحق الرئيس العراقي صدام حسين، واثنين من مساعديه، بينهما شقيقه برزان، مفاجئا لأحد، بل كان متوقعا منذ اليوم الاول لبدء المحاكمة المهزلة. ما لم يكن متوقعاً ان يصدر هذا الحكم والعراق في اسوأ احواله، ينعدم فيه الامن، وتحصد ارواح ابنائه حرب طائفية، وقوات امريكية متوحشة، وتمارس فيه عمليات التطهير العرقي في وضح النهار.
الحكم لم يكن قانونيا، والمحكمة لم تكن عادلة، فكيف تكون كذلك وهي مشكلة بقرار من المحتل، وتأتمر بأوامره، وقضاتها يتغيرون، او يهربون، او يعزلون، واعضاء فريق الدفاع يتعرضون للتصفية الجسدية من قبل فرق الموت الحكومية؟ نظام الرئيس صدام حسين ارتكب جرائم في حق معارضيه، واصدر احكاما بالاعدام في حق من حاولوا اغتيال رأس الدولة، او قلب النظام، ولكن هل تقذف الحكومة العراقية المنتخبة معارضيها بالورود، وهل تتسامح قوات الاحتلال الامريكية بمن يعارضون وجودها، ويقاتلون من اجل تحرير بلادهم وطرد هذه القوات اسوة بكل الشعوب الاخري؟
السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق الجديد مارس الارهاب نفسه الذي يحاكم علي اساسه الرئيس العراقي صدام حسين عندما كان احد قادة حزب الدعوة، حيث ارسل فرقا لاغتيال السيد طارق عزيز وزير الخارجية اثناء حضوره اجتماعا في جامعة المستنصرية، مثلما كان مسؤولا عن فريق الاغتيال الذي اطلق النار علي الرئيس العراقي في حادثة الدجيل التي حكم عليه بالاعدام بسببها.
الاكثر من ذلك ان الرئيس بيل كلينتون ارسل طائراته وصواريخه لقصف بغداد بعد ساعات قليلة من محاولة مزعومة لاغتيال الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش الأب اثناء زيارته للكويت، وهي الصواريخ
والقاذفات التي قتلت عشرات العراقيين الابرياء في حينه. فعن اي عدالة يتحدثون؟
السيد رامزي كلارك وزير العدل الامريكي الاسبق وصفها بانها عدالة المنتصر ولكننا نقول انها عدالة المهزوم لان الادارة الامريكية الحالية خسرت الحرب في العراق، مثلما خسرت حربها الاولي في افغانستان، وارادت من هذه المحكمة ـ المهزلة، واحكامها، تحويل الأنظار عن خسائرها البشرية والمادية المتصاعدة، وتحسين حظوظها في انتخابات الكونغرس النصفية التي تبدأ غدا.
الرئيس العراقي ربما يستحق ان يقف في قفص الاتهام لو ان الذين يحاكمونه قدموا نموذجا افضل في الحكم، وبسطوا العدالة والمساواة، وفرضوا الامن، وحسنوا معيشة الشعب العراقي، وحافظوا علي ثرواته، وعززوا روابط التعايش، وعمقوا جذور المواطنة، ولكنهم والمحتلين الذين يدعمون حكمهم فعلوا عكس كل ذلك، وارتكبوا من المجازر وانتهاكات حقوق الانسان اضعاف ما ارتكبه نظام الرئيس الذي اصدروا حكما باعدامه.
الرئيس صدام حسين لم يدّع مطلقا بانه كان زعيما ديمقراطيا متسامحا مع خصومه، ولكنه لم يكن طائفيا حاقدا، بشهادة السيد السيستاني نفسه وكان المواطن العراقي في عهده ينام آمنا وباب بيته مفتوحا علي مصراعيه، ويذهب الي عمله او حقله واطفاله مطمئنون الي عودته سالما، فلم تكن الجثث تنتشر في الشوارع والأزقة، او تطفو بالعشرات علي مياه دجلة والفرات مقطعة الاوصال، وممثلا فيها بطرق بشعة.
المسؤولون العراقيون الذين بدت عليهم آثار الفرح وهم يعلقون علي الحكم تحدثوا جميعا عن الماضي، وعن ضحايا النظام السابق، ولكن اياً منهم، او انصارهم لم يتحدث عن عراق اليوم وضحاياه والحال الذي وصل اليه، ناهيك عن الحديث عن المستقبل.
حاضر العراق في عهد هؤلاء حالك في سواده، فالكهرباء مقطوعة طوال اليوم تقريبا، والماء النقي شبه معدوم، واصبح العراقي الذي يوجد في جوف بلاده 120 مليار برميل من النفط ينتظر يوما كاملا امام محطات الوقود لملء خزان سيارته. 665 الف عراقي قتلوا من جراء التحرير الامريكي لبلادهم، والآلاف منهم يسقطون شهريا بنيران الميليشيات وفرق الموت الحكومية، ولا احد يتحدث عن هؤلاء الضحايا وآلام اقاربهم لان القاتل اما امريكي واما يتبع الحكومة الديمقراطية الحالية في بغداد.
اعضاء اسرة الرئيس صدام حسين واحفاده، ومعظم المسؤولين الذين شاركوه الحكم يعيشون حاليا علي الصدقات في الاردن وسورية وقطر والامارات، فحكام العراق الجدد لم يجدوا حسابا
السيد رامزي كلارك وزير العدل الامريكي الاسبق وصفها بانها عدالة المنتصر ولكننا نقول انها عدالة المهزوم لان الادارة الامريكية الحالية خسرت الحرب في العراق، مثلما خسرت حربها الاولي في افغانستان، وارادت من هذه المحكمة ـ المهزلة، واحكامها، تحويل الأنظار عن خسائرها البشرية والمادية المتصاعدة، وتحسين حظوظها في انتخابات الكونغرس النصفية التي تبدأ غدا.
الرئيس العراقي ربما يستحق ان يقف في قفص الاتهام لو ان الذين يحاكمونه قدموا نموذجا افضل في الحكم، وبسطوا العدالة والمساواة، وفرضوا الامن، وحسنوا معيشة الشعب العراقي، وحافظوا علي ثرواته، وعززوا روابط التعايش، وعمقوا جذور المواطنة، ولكنهم والمحتلين الذين يدعمون حكمهم فعلوا عكس كل ذلك، وارتكبوا من المجازر وانتهاكات حقوق الانسان اضعاف ما ارتكبه نظام الرئيس الذي اصدروا حكما باعدامه.
الرئيس صدام حسين لم يدّع مطلقا بانه كان زعيما ديمقراطيا متسامحا مع خصومه، ولكنه لم يكن طائفيا حاقدا، بشهادة السيد السيستاني نفسه وكان المواطن العراقي في عهده ينام آمنا وباب بيته مفتوحا علي مصراعيه، ويذهب الي عمله او حقله واطفاله مطمئنون الي عودته سالما، فلم تكن الجثث تنتشر في الشوارع والأزقة، او تطفو بالعشرات علي مياه دجلة والفرات مقطعة الاوصال، وممثلا فيها بطرق بشعة.
المسؤولون العراقيون الذين بدت عليهم آثار الفرح وهم يعلقون علي الحكم تحدثوا جميعا عن الماضي، وعن ضحايا النظام السابق، ولكن اياً منهم، او انصارهم لم يتحدث عن عراق اليوم وضحاياه والحال الذي وصل اليه، ناهيك عن الحديث عن المستقبل.
حاضر العراق في عهد هؤلاء حالك في سواده، فالكهرباء مقطوعة طوال اليوم تقريبا، والماء النقي شبه معدوم، واصبح العراقي الذي يوجد في جوف بلاده 120 مليار برميل من النفط ينتظر يوما كاملا امام محطات الوقود لملء خزان سيارته. 665 الف عراقي قتلوا من جراء التحرير الامريكي لبلادهم، والآلاف منهم يسقطون شهريا بنيران الميليشيات وفرق الموت الحكومية، ولا احد يتحدث عن هؤلاء الضحايا وآلام اقاربهم لان القاتل اما امريكي واما يتبع الحكومة الديمقراطية الحالية في بغداد.
اعضاء اسرة الرئيس صدام حسين واحفاده، ومعظم المسؤولين الذين شاركوه الحكم يعيشون حاليا علي الصدقات في الاردن وسورية وقطر والامارات، فحكام العراق الجدد لم يجدوا حسابا
سريا واحدا لهم في جنيف او غيرها، مثلما كانوا يروجون في الماضي في ظل حملات التضليل والتشويه، بينما هؤلاء وابناؤهم واقاربهم نهبوا العراق وثرواته واكلوا الاخضر واليابس، فقد سرقوا مليار دولار من وزارة الدفاع في اقل من ستة اشهر، و18 مليار دولار من عوائد العراق النفطية في اقل من عامين، وكل هذا مدعم بالوثائق، وهي وثائق حكومة العراق الجديد ، وظهرت الي العلن بعد اختلاف اللصوص علي اقتسام الغنائم.
هذه المحاكمة واحكامها هي حلقة جديدة لبيع الوهم للشعب العراقي، وتأتي استكمالا لحلقات سابقة مثل الانتخابات التشريعية، واكذوبة نقل السلطة، والاستفتاءات علي الدستور، والهدف هو تحويل الانظار عن الواقع المأساوي للشعب العراقي تحت حكم الاحتلال واعوانه.
حكام العراق الجديد وانصارهم، مصابون بمرض مزمن اسمه صدام حسين، فهم يستخدمون نظام حكمه كشماعة لتبرير كل اخطائهم وجرائمهم وفشلهم في حكم البلاد، فما زالوا ورغم سقوط النظام وأسر زعيمه، وتربعهم علي سدة الحكم، يلقون بتبعية هذا الفشل عليه ويحملونه مسؤولية كل شيء، ويعفون انفسهم من كل لوم، واحيانا يتلطفون ويلقون ببعض اللوم علي الدول العربية المجاورة، وينسون ان قوات الغزو انطلقت منها.
يحظون بدعم السعودية وايران وامريكا وبريطانيا وجميع دول الخليج، ومعظم اوروبا، ومئة وخمسين الف جندي امريكي، وسبعة آلاف جندي بريطاني، و25 الفاً من القوات المتعددة الجنسيات، ومئتي الف من الحرس الوطني وقوات الامن العراقية، ومئتين وخمسين الفا من الميليشيات الطائفية والعرقية (البشمركة) ومع ذلك لم يستطيعوا حماية المنطقة الخضراء، ثم بعد ذلك يلومون صدام حسين ويحملونه مسؤولية فشلهم في الحكم.
صدام حسين ارعبهم وهو في قفص الاتهام، مثلما ارعبهم وهو في الحكم، وسيظل يرعبهم حتي من قبره، لانهم ليسوا اهلا للحكم، بسبب طائفيتهم وعنصريتهم ولأنهم يصلوا اليه بطرق شرعية، وانما علي ظهور دبابات الاحتلال ويفتقدون ابسط شروط الوطنية، ولهذا كان قويا متحديا وهو في قفصه يتلقي الحكم بشجاعة، وكانوا يرتعدون وهم يقرأونه. ختاماً نقول انه قد يأتي يوم يندم فيه الامريكيون وحلفاؤهم فيه علي اصدار هذا الحكم، وتنفيذه مثلما يعضون اصابعهم ندما علي اتخاذ قرار الغزو والاحتلال.
عن القدس العربي
هذه المحاكمة واحكامها هي حلقة جديدة لبيع الوهم للشعب العراقي، وتأتي استكمالا لحلقات سابقة مثل الانتخابات التشريعية، واكذوبة نقل السلطة، والاستفتاءات علي الدستور، والهدف هو تحويل الانظار عن الواقع المأساوي للشعب العراقي تحت حكم الاحتلال واعوانه.
حكام العراق الجديد وانصارهم، مصابون بمرض مزمن اسمه صدام حسين، فهم يستخدمون نظام حكمه كشماعة لتبرير كل اخطائهم وجرائمهم وفشلهم في حكم البلاد، فما زالوا ورغم سقوط النظام وأسر زعيمه، وتربعهم علي سدة الحكم، يلقون بتبعية هذا الفشل عليه ويحملونه مسؤولية كل شيء، ويعفون انفسهم من كل لوم، واحيانا يتلطفون ويلقون ببعض اللوم علي الدول العربية المجاورة، وينسون ان قوات الغزو انطلقت منها.
يحظون بدعم السعودية وايران وامريكا وبريطانيا وجميع دول الخليج، ومعظم اوروبا، ومئة وخمسين الف جندي امريكي، وسبعة آلاف جندي بريطاني، و25 الفاً من القوات المتعددة الجنسيات، ومئتي الف من الحرس الوطني وقوات الامن العراقية، ومئتين وخمسين الفا من الميليشيات الطائفية والعرقية (البشمركة) ومع ذلك لم يستطيعوا حماية المنطقة الخضراء، ثم بعد ذلك يلومون صدام حسين ويحملونه مسؤولية فشلهم في الحكم.
صدام حسين ارعبهم وهو في قفص الاتهام، مثلما ارعبهم وهو في الحكم، وسيظل يرعبهم حتي من قبره، لانهم ليسوا اهلا للحكم، بسبب طائفيتهم وعنصريتهم ولأنهم يصلوا اليه بطرق شرعية، وانما علي ظهور دبابات الاحتلال ويفتقدون ابسط شروط الوطنية، ولهذا كان قويا متحديا وهو في قفصه يتلقي الحكم بشجاعة، وكانوا يرتعدون وهم يقرأونه. ختاماً نقول انه قد يأتي يوم يندم فيه الامريكيون وحلفاؤهم فيه علي اصدار هذا الحكم، وتنفيذه مثلما يعضون اصابعهم ندما علي اتخاذ قرار الغزو والاحتلال.
عن القدس العربي