السلام عليكم
اليوم جأت لكم بموضوع أعجبني كثيرا وهو بالفعل أسطورة ستظل على مر السنين لما يضم بين طياته من أسلوب بليغ و نصائح أبلغ ..........أترك لكم بعد الإطلاع التعليق على الموضوع
إمامة بنت الحارث
إ شتهرت إمامة في زمانها أنها ربة الفصاحة والرأي . كانت معروفة بحكمتها في كل الأمور .. يقصدها الناس في الأزمات فتشير عليهم بالآراء التي تنفعهم و كانت في ذكائها و بلاغتها مضرب الأمثال.
ولعل التاريخ لم يضن علينا حين ترك لنا الوثيقة النافعة الشهيرة و التي وجهتها إمامة إلى ابنتها تبصرها فيها بمفاتيح السعادة الزوجية ، فإن ما احتوت عليه هذه الوثيقة من وصايا جليلة ليدل بما لا يدع مجالا للشك أن هذه السيدة قد تميزت في زمانها بالحكمة والنبوغ في الرأي و القول.
جاء الحارث بن عمرو ملك كنده يخطب ابنتها أم إياس بنت عوف بن محلم الشيباني فزوجها أبوها منه – ولكن قبل أن تفارقهم الإبنة إلى ديار زوجها إنفردت بها أمها إمامة وأخذت توصيها أن تحسن معاشرة زوجها وألا تغتر بنفسها عليه وأن تجعل نفسها ملك يمينه كعبدة له مطيعة لا تخالفه الرأي و لا تثقله بالأعباء المادية بل تكون له نعم السند فتحافظ على صحته وأمواله بالإقتصاد في المال و التدبير وبتنظيم أوقات طعامه و ضمان الهدوء في نومه و استرخائه وأن تحذر كل الحذر من إفشاء أسراره أو السخرية من آلامه و التلهي عن أحزانه.
وقد كانت وصية إمامة لإبنتها هي الورقة السحرية التي ضمنت لها السعادة الزوجية فلقد أغرم بها زوجها و اصبح لا يجد في العالم من هي أفضل منها أو حتى كفؤا لها ، فزاد في إخلاصه وتمكن حبه من قلبها واسبغ عليها من العطف و الطاعة و الوفاء و الإكرام ما قد أصبح مضرب الأمثال ، أما هي فقد ولدت له الملوك السبعة الذين ملكوا بعده اليمن . وقد رأيت أن أورد نص الوصية لما فيها من منفعة كبيرة و خبرة بالنفس البشرية عظيمة .
نص الوصية :
يا بنيتي .. أن الوصية لو تركت لفضل أدب ، إنها تذكرة للغافل ، و معونة للعاقل ولو أن إمرأة إستغنت عن الزوج لغني أبويها أو شدة حاجتهم إليها كنت أنت أغنى الناس عنه ، لكن النساء للرجال خلقن و لهن خُلق الرجال.
أي بنيَّة ، إنك فارقت ِ الجو الذي منه خرجت ِ وخلفت العش الذي فيه درجت ِ إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه فأصبح بملكه عليك ِ رقيباً و مليكاً فكوني له أمه ، يكن لك عبدا وشيكا.
يا بنية احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرا و ذكرا :
الصحبة بالقناعة ، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة ، والتعهد لموقع عينه والتفقد لموقع أنفه ، فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولا يشم منك إلا طيب ريح ، والكحل أحسن الحسن ، والماء أطيب الطيب ، والتعهد لوقت طعامه ، والهدوء عند منامه فإن حرارة الجوع ملهبة ، و تنغيص النوم مغضبة ، والإحتفاظ ببيته وماله ، و الإرعاء على نفسه و حشمة و عياله ، فإن الإحتفاظ بالمال حسن التقدير ، والإرعاء على العيال و الحشم حسن التدبير ، ولا تفشي له سراً ، ولا تعصي له أمراً ، فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره ، وإن عصيت أمره أوغرت ِ صدره ، ثم أتقي مع ذلك الفرح إن كان ترحا ً ، والإكتئاب عنده إن كان فرحا فإن الخصلة الأولى من التقصير ، والثانية من التكدير وكوني له أشد ما تكونين إعظاما يكن لك أشد ما يكون إكراماً وأشد ما تكونين له موافقة يكن هو أطول ما تكونين له موافقة واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك ، وهواه على هواك في ما أحببت أو كرهت و الله يخير لك